في كل مجال من المجالات هناك مسلمات لا يمكن الجدال
فيها ، ولا يجادل فيها إلا عشاق التماثيل المكسورة الذين لا يعجبهم صورة
التمثال الكامل إلا بكسر جزء منه فيرتاحون بهذا المنظر المشوه ، فمن غير
المنطق مثلاً مناقشة أن اسحاق نيوتن أضاف للبشرية الكثير أو أن أبو
الاختراعات توماس أديسون سهل حياتنا، لكن البعض ممن يموت قهراً من رؤية
الناجحين يقفز ليقول لك : " لو كنت في زمانهم لقمت بما قاموا به " ، وهو
بذلك يتناسى وجود مئات الملايين في زمنهم ولم يفعلوا نفس الشيء ويتناسى أنه
يعيش الآن مع مخترعين ، وهو كذلك لا يفعل شيء مقارنة بمخترعي العصر مع أنه
يعيش في زمنهم.
وفي عالم كرة القدم مسلمات كذلك ، فمن غير المنطقي
أن يتم انتقاد مارادونا ووصفه باللاعب الفاشل أو فعل نفس الأمر مع بيليه أو
بلاتيني ، ومن مسلمات العصر الحاضر بأن مورينيو مدرب لا مثيل له حقق 16
لقباً خلال مسيرة قصيرة وأن كرستيانو رونالدم نجم مميز ضمن الأفضل في
العالم وله من الإنجازات ما يتكلم عنه ، ولا يعني فشلهما في موسم أن يتم
تكسير تماثيلهما ووصفهما بالمدرب العادي والمحظوظ والنجم الخاص بالدعايات
وكأنه الوحيد الذي يفعل هذا... فميسي وتشافي وانيستا لم يحرزوا شيئاً في
موسمي 2006-2007 و 2007-2008 فهل هم فشلة ؟ ، والسير اليكس فيرغسون وكابيلو
وليبي وهيدينك عاشوا سنوات من دون ألقاب فهل هم عاديون ومحظوظون؟.
يقول
الكاتب الكبير وليام شكسبير : " نحن في زمن نكره فيه ما نخشاه " ، ولم
يعرف الكاتب الأسطوري بالطبع كرة القدم ولا النجوم مورينيو أو رونالدو
وميسي ، لكنه قام بوصف حالة نحن نعيشها الآن .. فمن نجح مورينيو ضدهم
وأخرجهم لم يضيعوا الفرصة مع أول سقوط له ، فبدأ وصفه بالمحظوظ والمدرب
الذي لا يجيد إلا الثرثرة ومن يريد أن يصطنع دور الفيلسوف يقول مدرب جيد،
والحقيقة هي ما قالها شكسبير أي أنه المدرب الذي يخشون منه ويتألمون من
نجاحه ضدهم في الماضي.
الخوف والخشية المسيطرة على سلوك الإنسان هي
نوع من المرض ، وبالتالي فإنني عندما أسمع من يقول بأن لاعباً مثل نصري أو
بيل أو ناني أفضل من كرستيانو رونالدو أعرف أنه لا يحب رونالدو ويخشاه بنفس
الوقت ، وهو يريد أن يبرر لنفسه لماذا لا يحبه وينكر الحقيقة بأنه يخاف
منه ... هذا الأمر ينطبق على جوزيه مورينيو ومن يصفوه بالمدرب العادي فهو
مجرد خوف يحولونه إلى كراهية كي يخدعوا أنفسهم قبل أن يخدعوا الأخرين.
صدقوني
... لو كان شكسبير الآن حياً لقال : " نحن في زمن فيه مرض اسمه رونالدو
ومورينيو ، فمن يخشاهم يكرههم ومن يكرههم هو المريض بهم".